الجمعة، 10 سبتمبر 2010

لن يوقف عويلهم مسيرتنا

لن يوقف عويلهم مسيرتنا

أثارت المقالة الأخيرة الكثير من اللغط والارتياح ونوقشت كثيرا لان ما ورد بها من معلومات كانت مؤثرة جدا لا اسباب كثيرة ومتعددة .. والحقيقة أنا من أثرت الانتباه إلى إن جزء من المقال مقتبس وكان ذلك في احد غرف المحادثة حينما ناقشنا المضمون.. وهنا بداء أعداء العراق بتلقف هذا الموضوع ليبدءا بعد ذلك محاولة للتشويش والتشهير والتسقيط ولااسباب سأذكرها لاحقا ولكن لماذا هذه المقالة كانت مؤثرة ... لقد حاول أعداء العراق وحلفاء إيران والصهيونية وعملاء الاحتلال بذل جهود كبيرة من اجل تغطية هذه الحقيقة فالمجهود الإعلامي لحكومة الملالي مضاف لها التنسيق الكبير بينها وبين الإعلام الأمريكي خداع العالم بان مابين أمريكا والصهيونية من جهة وإيران وأحزابها العميلة من جهة أخرى عداء كبير وصرفت مليارات الدولارات باستعراضات إعلامية كحرب تموز وغيرها من صراعات ومنها الملف النووي الإيراني ومجهودات كبيرة لااعطاء الأمر كأنما هو صراع حقيقي وهذا ما خدع به العالمين الإسلامي والعربي الذي بقى مغيبا تحت ضغط الإعلام المعادي والحقيقية كان للطابور الخامس الإيراني بالعراق دور كبير ومهم وهنا حينما اذكر الطابور الخامس هم ليسوا فقط المليشيات العميلة التي تعكزت عليها أمريكا وكانت رأس الحربة التي طعن بها العراق من الخلف بل حتى المواقع والسايتات التي تتقدم نفسها على أنها سايتات تدعم المقاومة لكنها بالحقيقة مهمتها الرئيسية هي شق الصف واختراق المقاومة وإعلامها فالأسلوب الفارسي الصهيوني واضح من خلال المقالات والأخبار المنتقاة بدقة والمطلوب منها إثارة النزاعات والتنازع على من يقود المقاومة وماهيتها ومن يقف ورائها ومحاولة زرع الشك والانتقائية في الأعمال والأعلام عن العمليات لاج لان تأخذ هذه الأخبار مداها في التأثير المعنوي والنفسي في صفوف فصائل المقاومة لأجل إعطاء صورة غير حقيقية على إن المقاومة هي فقط لهذا الفيصل ولهذا الاتجاه الفكري وانه من يجب أن يأخذ الدور الطليعي وهذه العملية تساعد في خداع وملامسة الطموحات الشخصية لقادة هذه الفصائل مما يسهل عملية اختراقها وتفتيتها بعد ذلك لكن نسوا أن المقاومة العراقية هي متميزة ورائعة وتملك الكم الهائل من الخبرات التي أورثتها إياها سنوات القتال الطويلة والمضنية التي خاضتها في مقاومة المحتل الغاشم فخاب فألهم وسقطوا في شر إعمالهم ...

الحقيقة الثانية أن المضمون الذي احتوته المقالة كان مؤثرا جدا إلى الدرجة التي أفقدتهم توازنهم الفكري فاخذوا يبحثون عن ما يسقطوا به أبو خليل ففضح المشروع ألصفوي الصهيوني الأمريكي بالعراق واظاهرة عاريا من ورقة التوت التي يتستر خلفها والتي يحاول هؤلاء العملاء تثبيتها لكي لاتسقط أصبح لايحتمل بالنسبة لهم فالمقالات التي تقرءا ن الآلاف العراقيين المثقفين وغيرهم والتي تنشر في وسائل الإعلام أدت إلى تعريتهم تماما أمام الشعب العراقي وفضحت مشروعهم الخائب بالعراق فحينما استشهدت بمقدمه الدراسة التي قام بها الدكتور سليم كان القصد هو الفضح لهذه العلاقة بطريقة الدكتور سليم العلمية والتاريخية وهنا سقطوا في الفخ حينما ذكرت لهم إن الاقتباس من دراسة للدكتور سليم وان الاقتباس كان ضرورة لثرائه ودقته بالمعلومة التاريخة وقد اوردته نصا بدون تلاعب وضنوا أنهم وجدوا مايسقطوا به الكاتب فقاموا بنشر ما أردت نشره بالضبط أن هذا الاقتباس هو لدراسة للدكتور سليم طه التكريتي واوكد التكريتي وإنها نشرت في مجلة أفاق عربية في سنة 1981 وهنا ماذا يعني ذلك .

يعني أولا بان التكارته الذين استخدموا من ضمن ما استخدموا في شيطنه النظام ومحاولة تسقيط الشهيد صدام انه من منطقة كلها رعاة غنم وهذا ليس بعيب فالرسول كان راعي غنم اتضح إن فيهم مفكرين وأساتذة بمستوى الدكتور سليم طه التكريتي

ثانيا إن الدراسة نشرت في مجلة البعث الثقافية الأولى أفاق عربية بمعنى إن العراق لم يدافع عن نفسه ضد إيران حليفة اسرائيل وامريكا ويكفيني في هذا الصدد ان اذكر ان الصراع الي حصل على خلافه الخميني بين منتظري وخامنأي ورفسنجاني هو من فضح هذه العلاقة السرية فد سرب مكتب منتظري معلومات سرية عن تواجد ضباط مخابرات امريكان في فنادق ايرانية بضيافه رفسنجاني الذي حاول ان يلتف على الموضوع بمؤتمر صحفي نفى به ذلك لكن كانت المعلومة قد تلقفتها كل وسائل الاعلام مما ادت الى استجواب هؤلاء الضباط في الكونكرس كما فضح مكتب منتظري اللاقة مع اسرائيل وصفقات السلاح التي سربت الى مخابرات الروسية عن طريق نسيب منظري الذي اعدم اخوه النظام الايراني في وقتها وقامت المخابرات الروسية باسقاط الطائرة التي فضحت الدور الاسرائيلي في دعم ايران بقوة وادى ذلك الى عزل منتظري من الخميني واعطاء وراثة الولي الفقيه الى خامنأي اذن فللعراق علم مسبق بماهية العلاقة بين إيران وإسرائيل وأمريكا وانه يمتلك الآلاف من الدراسات والمؤلفات التي تشرح نوع هذه العلاقة وماهيتها ومدى قوتها وتأثيرها في إدارة الصراع مع إيران لذلك نجح العراق في صد الهجمة الصفوية الطائفية التي كانت تريد للعراق تدميرا كاملا وقد اضطرت أمريكا إلى التدخل بنفسها لأجل إكمال ما فشل به الخميني وغيرهم من عملائها في محاولة إخراج العراق من دورة الإقليمي والعربي مثلما حدث بعد الاحتلال عن طريق عملائها

لم استغرب هذه الحملة فقد حاولوا بكل جهدهم التهجم على الرفيق أبو احمد والرفيق الدكتور المختار ودكتور سعد والدكتور ألمرشدي وغيره من رموز البعث ولم يلوا جهدا في محاولة التشهير والتسقيط لكنهم كانوا كالكلاب التي تنبح على مسيرة عظيمة وعلى أروع ملحمة في التاريخ العراقي تقوم بها المقاومة العراقية ويقودها البعث العظيم

لماذا في هذا الوقت بالذات إن السعار الذي يعاني منه هؤلاء سببه شيء واحد فقد راهن هؤلاء التافهين على هزيمة البعث والمقاومة العراقية ولكن بعد إن ذاقت أمريكا الامريين من المقاومة العراقية ولم يستطع عملاء إيران أن يدمروا البعث العظيم على الرغم من مئات الآلاف من الشهداء والملايين من المهجريين وقانون الاجتثاث البغيض بقى صوت البعث عاليا مدويا في الأفاق وبداء سنين المقاومة البطلة تأتي أوكلها وتحصد نتائجها بان انهار الجيش الأمريكي إلى الدرجة التي ينسحب بها في جنح الظلام وقبل الموعد المقرر متسترا بعملائه وبعد أن أصبحت عمليتهم السياسية في مهب الريح تم استنفار طابور طويل من العملاء المتخفيين تحت شعار الوطنية والمواقع الوطنية للتشهير ومحاولة التغطية على الانهيار الكبير للمشروع الأمريكي الإيراني الصهيوني بالعراق وقد ذكرت التقارير عن تخصيص ملايين الدولارات للدور الإعلامي لتصرف على محطات تلفزيون وصحف ومجلات وتعطى لكتاب ولمواقع انترنيتية لأجل تلميع صورة المشروع الأمريكي ألصفوي الإسرائيلي واظهارة بمظهر المنتصر أو الموجود على الأقل داخل الساحة وتشير التقارير إن هناك مئات الآلاف من الدولارات صرفت على بعض المواقع التي تدعي المقاومة سابقا لشن حملة شيطنه ضد البعث والمقاومة العراقية التي تدار مباشرة من فيلق القدس أو من السي اي اي وهذا مانبه إليه البعث وفعلا بداءة عملية التساقط للمواقع التي فضحت نفسها باتخاذ الدور المشبوه بالدفاع عن مشروع إسرائيل وإيران وأمريكا بالمنطقة

مالذي يخيفهم في أبو خليل انأ أتصور إن للاسم المستعار تأثير نفسي كبير فهذا الاسم يذكرهم دائما بالجندي العراقي الباسل الذي استحق هذا اللقب والذي جرع إسرائيل المر وحمى دمشق من السقوط وهو نفسه الذي افشل مشروعهم بالتوسع على حساب العراق وأذاق الخميني السم الزعاف وهو نفسه الذي وقف ببسالة أمام جيش أمريكا وعملائها وهو نفسه الذي نزل تحت الأرض ليجعل من الثور الأمريكي الهائج بالعراق هدفا لسهامه التي تقتلهم من حيث لا يعلمون لذلك ارتبط هذا الاسم ارتباطا شرطيا بالرعب الذي يحسه الجندي الأمريكي حينما يخرج بدورية داخل العراق المحتل لأنه لايعرف في أي شارع وفي أي زاوية سيكون ملك الموت ينتظرهم وبالنتيجة هو رعب لعملائهم ايضا .

ثانيا هو نفسه الذي احتل بلده فحمل سيفا وقلما فان كان موضعا للطعن طعن وان كان موضعا للكتابة نزف حبرا ودما نحن حينما نذرنا نفسنا للدفاع عن العراق والعراقيين وعن أرضنا وشرفنا بإيصال المعلومة باستخدام الانترنيت لم يكن هذا أشرا ولا بطرا منا بل هو جزء من الصراع من اجل الأرض والعرض فمن حق شعبنا علينا أن نكشف لهم حقائق أولائك السفاحين والقتلة المجرمين الذين جاءوا مع المشروع الأمريكي الإيراني ألصفوي ومن حقنا أن نستخدم كل ما يتوفر تحت أيدينا من دراسات وأبحاث في هذا المجال فنحن لانبحث عن مجد شخصي ولا عن مكافئة نرتجيها بل نبحث عن إيصال المعلومة إلى اكبر قدر من العراقيين الشرفاء لتكن لهم سلاح ودرع يقون بها أفكارهم من الانخراط في مثل هذه المشاريع الهدامة التي تستهدف شعبنا وامتنا العربية العظيمة

فاكتبوا ماشئتم فلن يثنينا عن عزما نباح من ينبح من طراطير المحلة ولا تسقيط من يسقط فما دام فينا عرق ينبض ومادام فينا نفس سنبقى نفضح هؤلاء العملاء من خلف صبات الكونكريت إلى أن نرى عراقنا قد صار في أيدي أمينة عليه ترتجي خيره وخير أجياله . فلست أول من نبحت عليه الكلاب ولن أكون أخرهم فنحن نعلم إنكم لن تتوقفوا عن ماتفعلون مادام الدولار الأمريكي ومادام التومان الإيراني يصل إلى جيوبكم

و أود أن أطمئنهم بأننا في العراق لن نؤل جهدا في مقاومة الاحتلال عسكريا ومقاومته الاحتلال الثقافي والفكري للشعب العراقي عن طريق عملاء أمريكا وإيران وإسرائيل وطابورها الخامس في العراق ولبنان والسعودية والبحرين والكويت وان مشروع تقاسم المنطقة بين إسرائيل وإيران لن ينجح مادام هناك أناس وطنيين وقوميين شرفاء وسنعيد نشر كل الدراسات والأبحاث التي كتبت عن حقيقة هذا الدور ليطلع عليها العالم من جديد ونعيد تنشيط الذاكرة العراقية حول جرائمهم بالمنطقة .

وتحية للدكتور سليم طه التكريتي اول من نبه الى التحالف الايراني الصهيوني الامريكي بالتامر على العراق والبعث



ابو خليل التميمي / بغداد المسورة بكتل الاسمنت





الأحد، 5 سبتمبر 2010

حروب الشياطين والطابور الخامس ( ايران , امريكا ، اسرائيل )


ان تطور العلاقات القائمة بين "اسرائيل" وإيران وتحولها إلى ما يشبه التحالف الحقيقي غير المعلن بينهما. فعلى إيران حكومة وشعوباً بأن تعلن أنها بلد غير إسلامي، وإلافبماذا نبرر قيام مثل هذا التحالف بين طهران وتل أبيب؟ ثم لماذا لم نسمع عن الشعوب الإيرانية ما يؤكد بأنها شعوب إسلامية، وأنها غير راضية عن سياسة حكومة طهران إزاء "اسرائيل"، وتعلن تضامنها مع الشعوب العربية والإسلامية الأخرى في معاداة الصهيونية والنضال ضدها !! فانت دائما تسمع هذه النبرة "أن إيران لا يمكن أن تنسى أبداً أن العرب المسلمين هم الذين حطموا الإمبراطورية الإيرانية، ودمروا عرش الأكاسرة، وأخضعوا الإيرانيين للنفوذ العربي الإسلامي، ولذلك كان الإيرانيون منذ ذلك الوقت وما برحوا يتحالفون مع أي عنصر يعادي العرب والمسلمين .. وهذا الذي نطق به الملحق الصحفي الإيراني يشير إلى حقيقة تأريخية ثابتة وقديمة جداً تؤكد حقد الفرس على العنصرالعربي، ليس في الوقت الحاضر، ولا خلال العهد الإسلامي حسب وإنما إلى أبعد من ذلك بعصور قديمة ممعنة في القدم. فالتحالف بين ايران و"اليهودية" والصهيونية التي تمثلها "اسرائيل" لا يقتصر على عهد "الشاهات" ولا على عهد "الملالي، الدجالين وأسيادهم وكبيرهم "الخميني الدجال"، وإنما يمتد هذاالتحالف الفارسي الصهيوني إلى عشرات من القرون التي سبقت التأريخ الميلادي.

فإذا جاز لنا أن نعتبر الأكديين والبابليين، والآراميين والآشوريين فروعاً من العروبة على أساس أن العنصر المشترك بينهم هو العنصر السامي الواحد، فإننا نجد أن أول تحالف بين الفرس والصهاينة قد ظهر في التآمر على الدولة البابلية في العراق منذ القرن السادس قبل الميلاد. فما أن شعرت الأسرة الأخمينية التي استوطنت إقليم (عيلام) منحدرة من الأجزاء الشرقية الشمالية لإيران، بقوتها حتى بدأت تعد العدة لغزو بلاد بابل والقضاء على حضارتها التي كانت مزدهرة جداً في ذلك الوقت. ومع أن اليهود قد استفادوا جل الاستفادة أثناء وجودهم في بلاد بابل ، من حضارة البابليين وعلومهم ، إلى درجة أنهم وضعوا "التوراة" في بلاد بابل وعلى أساس معطيات التأريخ القديم للعراق ، ومع أنهم كانوا يمارسون شعائرهم وأعمالهم التجارية بمنتهى الحرية ، ومع ذلك فقد أبى اليهود إلا التآمر على الدولة البابلية والعصف بعظمتها ومدنيتها. فلقد أكدت المصادر التأريخية القديمة أن اليهود هم الذين حرضوا "كورش" ملك الأسرة الأخمينية على مهاجمة مدينة بابل في سنة 539 - 538 قبل الميلاد ..مهدوا له سبيل الاستيلاء عليها وتدميرها.

وقد ذكرت المصادر التأريخية أيضاً أن أحد عملاء "كورش" من اليهود قد خدع البابليين حين أدعى بأنه هرب من البطش الذي أنزله به "كورش" عندما عارض فكرته في غزو بابل، وتمادى في خدع البابلي حين استبسل في القضاء على الوحدات الفارسية الأولى التي دفع بها "كورش" لمحاصرة بابل، فنال بذلك ثقة البابليين فأوكلوا إليه أمر الدفاع، عن لعاصمة، وإذ ذاك أقدم على تنفيذ مؤامرته الدنيئة بأن فتح أبواب أسوار بابل أمام القوات الفارسية في الوقت الذي كان فيه أهل بابل يحتفلون بعيد السنة الجديدة. وعلى أثر ذلك أقمم كورش على مكافأة اليهود، بأن سمح لكل راغب منهم بالعودة إلى فلسطين، وأعاد إليهم كنوز الهيكل في أورشليم التي نقلها نبوخذ نصر ملك بابل، كما أمر كورش أيضاً بأن يعاد بناء الهيكل وأسوار أورشليم على حساب العاهل الاخميني. كما تزوج كورش من أخت "زور بابيل" الذي تزعم اليهود العائدين من السبي في العراق إلى فلسطين. ولقد ذكر "ابن العبري" في كتابه "مختصر تاريخ الدول" أن كورش عندما دخل بأخت "زوربابيل" ارتفعت في عينيه فقال لها "أطلبي ما شئت" فطلبت منه ن يسمح بعودة الأسرى اليهود إلى أورشليم وأن يأذن لهم بعمارتها.

وقد عين "زوربابيل" ذلك أول حاكم على أورشليم من قبل الدولة الاخمينية ، وشرع ببناء الهيكل، وإذ ذاك انبرت لمقاومته الأقوام التي كانت تسكن فلسطين في ذلك الوقت، وأجبرت الملك الاخميني "سميرد" الذي كان يحكم في سنة 523 قبل الميلاد إلى إصدار الأوامر بإيقاف أعمال البناء. ولكت ما لبث "دارا" الأول (521- 489 ق. م.) أن ألغى ذلك الأمر فأباح لليهود الاستمرار في إعادة بناء الهيكل والسور، كما سمح ارتخشتا (اردشير) (465- 489) قبل الميلاد لعدد جديد من المسبيين اليهود بالعودة إلى فلسطين. ولقد أصبح اليهود في عيش رخي لأن خلفاء "كورش" ، أطلقوا لهم الحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية ، كما منحوهم حكما ذاتيا لإدارة شؤونهم وولوهم المناصب الرفيعة حتى في البلاط الاخمينى في العاصمة "سوسة". وتتحدث التوراة عن اليهودية "استير" التي حرضت الملك الاخميني على الفتك بوزيره الأول ومعتمده "هامان". كانت "استير" هذه متزوجة من ابن عمها "مردخاي". وحين راح "هامان" الوزير الأول في البلاط الاخميني يخطط لتنفيذ مذبحة جماعية ضد اليهود، دفع "مردخاي" بزوجته "استر" إلى أن تتودد إلى الملك "احشويرش" (486- 465 ق. م.) وأن تغريه بأن يتزوجها بدلا من زوجته الملكة "رشتي" وتد نجحت في ذلك، فتزوجها الملك واشترطت عليه أن يفتك بوزيره "هامان" ففعل ذلك وقتله شر قتلة. وما يزال اليهود حتى اليوم يحتفلون بذكرى مقتل عدوهم اللدود "هامان" وذلك في اليومين الرابع عشر والخامس عشر من شهر آذار كل سنة. وقرب ملوك الاخمينيين إليهم الكتبة من اليهود ووثقوا بهم. ومن هؤلاء الكتبة "ابن سرايا" الذي يعرف في التوراة باسم "النبي عزرا" أو "اليعازر"، وكان هذا موظفا في بلاط "ارتخشتا الأول" ومستشارا له ، واستطاع أن يحظى بموافقة الملك في العودة إلى فلسطين ومعه زهاء ألفين من اليهود الساكنين في العراق.

وقد زوده الملك برسائل توصية إلى عماله في فلسطين ليساعدوا "عزرا" على ما ينوي القيام به. ويقال أن القبر الموجود الآن في ناحية "العزير" شمالي القرنة هو قبر "عزرا" نفسه حيث توفي ودفن هناك بعد أن عاد إلى العراق لتنظيم الهجرات اليهودية إلى فلسطين. أما النبي اليهودي الآخر المعاصر لـ"عزرا" فهو "نحميا" وكان يعمل ساقيا في بلاط "ارتخنشا الأول، ولذلك ان لديه منزلة رفيعة، ورجاه بأن يسمح له بالعودة إلى أورشليم لبناء أسوارها من جديد، فأذن له الملك بذلك، وحمله رسائل توصية إلى عمال الفرس هناك،وعينه حاكما على "اليهودية" أي الضفة الغربية للأردن وذلك في سنة 445 ق. م. ويذكر المؤرخون أنه في عهد الملك الفارسي "أرتا خرسيس الثاني" (424- 358 ق. م.) قام العرب في فلسطين بقيادة ملكهم "جشم" بحركة مقاومة منظمة لحركات الاستيطان اليهودي في فلسطين التي قادها كل من "عزرا" و"نحيا" بتشجيع من الفرس، وتخطيط من لدنهم. نعود إلى تأريخ الأسرة الساسانية (226- 637 م) التي قضى عليها العرب المسلمون، فنجد أن الفرس قد أولوا اليهود سواء في فارس أم في العراق الذي استولوا عليه، اهتماما خاصا. فقد وطد اليهود علاقاتهم مع "سابور الثاني" (310- 379)، الذي عرف باسم "ذوالأكتاف" لبطشه بالمناضلين العرب وخلع أكتافهم ، وعاونوه في قتاله ضد العرب الذين كانوا في ذلك الوقت يسيطرون ليس على إقليم "الأحواز" العربي الحالي فحسب، بل وحتى على السواحل الشرقية من الخليج العربي بالإضافة إلى مناطق عميقة داخل بلاد فارس ذاتها. فكان اليهود يقدمون الهدايا الثمينة إلى البلاط الفارسي، وينالون مقابل ذلك الرعاية والحماية من الحكام الفرس، إلى درجة أن مجموعة كبيرة من البيوتات التجارية اليهودية قد وفدت من فلسطين إلى العراق لممارسة أعمالها فيه في عهد الحكم الساساني. ولم ينقطع التحالف الفارسي اليهودي حتى بعد أن ظهر الإسلام وانتشر في بلاد فارس وأقبلت أكثرية الفرس على اعتناقه . فلقد راح اليهود يتعاونون مع الفرس في الدس على الحكم الإسلامي وعلى الشريعة الإسلامية ذاتها ، بما كانوا يبتدعونه من مختلف البدع المضللة ،ابتداء من حركة "عبد الله بن سبأ" وانتهاء بالبابلية والبهائية وغيرها من الحركات الأخرى التي انبعثت في بلاد فارس وكانت كلها تستهدف العروبة والإسلام. وإذ نعود إلى العصر الحديث نرى أن ايران هي أولى البلدان الشرقية التي تلقفت الحركة الصهيونية وعملت على تنشيطها ،وبث الدعاية ، ومساعدة القائمين بها، وذلك بفضل الهيمنة المطلقة لليهود على الحياة الاقتصادية في ايران.

قد كانت إيران أول بلد تؤسس فيه المنظمات الصهيونية بعد الحرب العالمية الأولى، وأول الفروع لها، حيث تأسس أول فرع للوكالة اليهودية في طهران بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة. ولقد تحولت ايران منذ أوائل سني العشرينات إلى مركز كبير وقوي من مراكز الصهيونية في "الشرق الأوسط" كما أصبحت إحدى المحطات الرئيسة التي يتجمع فيها اليهود الهاربون إلى فلسطين من العراق ومناطق الخليج العربي كله. وكانت المهمة الموكلة في الدرجة الأولى إلى القناصل الايرانيين الموجودين في بغداد، والكاظمية وكربلاء،والبصرة، وخانقين، هي تسهيل هرب اليهود من العراق إلى ايران كخطوة أولى لذهابهم إلى فلسطين. وحين قامت في سنة 1939، ضجة في الأوساط الصحفية في العراق، ولاسيما صحف "جمعية الهداية الإسلامية" ضد هذه الأعمال التي كان القناصل الايرانيون يقومون بها، توقفت المفوضية الايرانية في بغداد عن عملية تهريب اليهود إلى ايران وأبلغت قرارها هذا إلى القنصليات الأخرى في العراق. ومن بعد الاتصال بوزارة الخارجية الايرانية في هذا الشأن صدرت الأوامر منها إلى القنصليات الايرانية بأن تعاود منح سمات الدخول إلى ايران إلى اليهود كما كان عليه الأمر سابقا. ولقد وردت هذه المعلومات في برقية صادرة من مديرية شرطة البصرة إلى مديرية الشرطة العامة ببغداد مؤرخة في اليوم السابع من حزيران 1939 جاء فيها "بلغنا من مصدر موثوق بأن القناصل الايرانيين في العراق كانوا قد امتنعوا عن منح اليهود العراقيين سمات للدخول إلى ايران، وذلك بناء على الأمر الصادر إليهم من المفوضية الايرانية ببغداد. غير أنه بعد المخابرة مع وزارة الخارجية الايرانية، على ما اتصل بنا، صدر أمر آخر أعيدت بموجبه الحالة إلى ما كانت عليه في السابق وأعطيت السمات لليهود بدخولهم إلى ايران". وحين وقفت حكومة الدفاع الوطني برئاسة المرحوم رشيد عالي الكيلاني ذلك الموقف الحازم والصريح إزاء الصهيونية ونشاطها العدواني في العراق، أخذت الصحف الصهيونية تهاجم العراق على موقف هذا وكان من بينها جريدة "بالستاين بوست" (بريد فلسطين) التي تصدر بالإنكليزية في القدس، التي هاجمت حكومة الدفاع الوطني لأنها منعت حتى اليهود الايرانيين من الهجرة إلى فلسطين، حيث قالت في عددها الصادر في يوم 29 نيسان 1941 " هناك بعض المهاجرين اليهود في ايران، ولديهم شهادات هجرة إلى فلسطين، ولكنهم لم يستطيعوا ذلك بسبب رفض الحكومة العراقية منحهم تأشيرة مرور". ومنذ أن تحولت إيران إلى مستعمرة أمريكية خالصة، بعد أن كانت مستعمرة بريطانية، في أعقاب القضاء على حكومة (الدكتورمحمد مصدق) واستحواذ الاحتكارات البترولية الأمريكية على حصة الأسد من النفط الايراني، تضاعف النشاط الصهيوني في ايران تضاعفاً شديداً بحيث أصبحت "اسرائيل" تهيمن اقتصاديا وفكريا على ايران برمتها. فلم يقف الأمر عند حد إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين طهران وتل أبيب، بل تعدى ذلك إلى إنشاء أوثق العلاقات الاقتصادية والسياحية والثقافية بينهما. فقد قام بين "اسرائيل" وايرانتعاون اقتصادي واسع النطاق لم يقتصر على التبادل التجاري وحده، بل امتد إلى التعاون الاقتصادي والفني في مجالات الزراعة، والسياحة، والعمران وغيرها. فقد قفزت الصادرات "الاسرائيلية" إلى ايران من خمسة ملايين دولا رفي سنة 1963 إلى سبعة ملايين ونصف مليون دولار في سنة 1966، وذلك في أعقاب الاتفاقية التي وقحت بين البلدين في سنة 1962، والتي تضمنت قيام عدد من الخبراء الاسرائيليين" في الزراعة والمياه والسياحة وغيرها للعمل في ايران، هذا بالإضافة إلى قيام "اسرائيل" بتنفيذ العديد من المشاريع العمرانية والزراعية في ايران. وحين أغلقت قناة السويس في أعقاب حرب حزيران سنة 1967، بدأت تصدر منتجاتها مباشرة إلى ميناء "ايلات الاسرائيلي" ومن هناك تنقل إلى حيفا ليتم تصديرها إلى أوروبا وأمريكا. وكان إمداد ايران "لاسرائيل" بالنفط من أهم الوسائل التي أبقت الحياة نشطة داخل الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، التي أمدته بوسائل البقاء. فحين توقف ضخ النفط العراقي في الأنبوب الذي ينتهي في ميناء حيفا، في شهر نيسان 1948، توقفت المصفاة التي أنشأها الإنكليز هناك عن العمل نتيجة لذلك، لكن ايران ما لبثت أن عوضت عن النقص الحاصل في وصول النفط إلى "اسرائيل" فعادت تلك المصفاة التي اشترتها "اسرائيل" من الشركة الإنكليزية المالكة لها، إلى العمل من جديد، وتضاعف إنتاجها حتى بلغ في سنة 1968 أكثر من خمسة ملايين طن سنويا.

وشجع إمداد "اسرائيل" بالنفط الايراني، الذي كان يمثل أكثر من ستين في المائة من حاجة "اسرائيل" إليه، حكومة تل أبيب على بناء خط أنابيب لنقل النفط من "ايلات" إلى ميناء عسقلان على البحر الأبيض المتوسط ونقله من هناك إلى الأسواق الأوروبية. ومازالت "اسرائيل" حتى الآن تعتمد على النفط الايراني، وذلك لأن هذا النفط يؤمن لها فوائد أكثر، من ناحية فرق السعر، وفروق أجور الشحن وما شاكلها، فضلا عن تشغيل خطوط أنابيب "ايلات – حيفا - ايلات وعسقلان". وإلى اليوم لا نزال نجد البعض من الذين انخدعوا بالموقف الدعائي الايراني الذي وقفته بعض الفئات الإيرانية أثناء "الثورة" وبعد سقوط الشاه مباشرة إزاء القضية الفلسطينية أن يطبلوا ويزمروا كثيرا لذلك الموقف، وأن يكيلوا المديح المفرط لتلك الفئات،متجاهلين مرور أكثر من نصف قرن من الزمن لم تبد خلاله أية فئة أو منظمة أوجماعة في إيران عملياً وعلى أرض الواقع وليس بالكلام وبعض المؤتمرات التي لم تجدي أي انتصار لحق العرب في فلسطين سوى النقد الكلامي وتأجيج العواطف ليس إلا، وإلا فليخبرنا أي من هؤلاء المتفذلكين ماذا قدمت إيران عملياً للمقاومة الفلسطينية! هل قدمت لهم حبة دواء أو قيمة ثمن لشجرة اقتلعتها قوى الاحتلال الصهيوني أو حتى ثمن كيلو خبز لأي عائلة فلسطينية في أي من بقاع فلسطين المحتلة، وعلى الرغم من ذلك نقول أنه ربما قدّم نظام الملالي في إيران بعض ثمن الأسلحة أو رواتب لمنظمات مشبوهة طائفياً، ولكن نحن لانتحدث عن تلك المنظمات أو التنظيمات لأنها معروفة لأبناء فلسطين العربية كما هي معروفة لكل متابع لقضية فلسطين منذ عام 1948 وحتى اليوم، ربما يقول قائل أنهم مثل الأنظمة العربية تدين وتستنكر ولا تفعل سوى ما يملى عليها من قبل محافل الشر الدولية التي تقودها إدارة الشر الأمريكية، نقول أن ذلك صحيح منذ منتصف تسعينات القرن الماضي إثر توقيع اتفاقية الذل في أوسلو عام 1993، ولكن كل الأنظمة العربية ودون استثناء ورغم كل الخلافات فيما بينها و منذ عام 1948 وحتى تاريخ الإعلان عن قيام المقاومة الفلسطينية وتشكيل وحداتها المقاتلة ضد الكيان الغاصب لفلسطين في بداية عالم 1965، كلها شاركت مباشرة بأعمال عسكرية قبل ذلك التاريخ ولاحقا احتضنت المقاومة وقدمت لاحقا كل الدعم المادي والعسكري وغير ذلك من صنوف الدعم للمقاومة الفلسطينية، وهذا يحتاج لمجلدات وبحوث وليس هنا مجاله، وعلى الرغم من كل ذلك أيضاً قد يقول قائل أن المقاومة في لبنان التي تسمى "حزب الله" حالياً أنها حصلت على الدعم العسكري من إيران وأنها قاومت الغزو الصهيوني للبنان بسلاح ايراني !!!، لمثل هذا القول نقول كما قلنا مراراً وتكراراً أن أي قوة ومهما اختلفنا أو تطابقنا معها في الرأي والموقف تقول عملياً لا لأمريكا ولا للصهيونية ولا للعنصرية فنحن نؤيدها بتطبيق ذلك على أرض الواقع، وأنتعاطف الجماهير في كل مكان كما أن تعاطف الأمتين العربية والإسلامية مع "حزب الله" لم يأت لأنه "ديني" أو لأنه ايراني أو عربي مع العلم أن هذا الحزب لا يختلف موقفه عن أي نظام عربي يعترف بالكيان الغاصب ويحاوره مباشرة أو بطريقة غير مباشرة المهم في النهاية أن هذا الحزب يحاور ويعترف بالكيان الغاصب، وأن مواقفه المعلنة تدل على أنه يكيل بمكيال ايراني صفوي فهو ضد المقاومة الوطنية في العراق أي أنهه مثل "جماعة الحكيم" ومثل "جماعة الصدر" ومثل "جماعة فرق الموت" وغيرهم في عراق الحضارات والتاريخ ،وأن الأموال التي دفعها للمتضررين جراء العدوان الصهيوني على لبنان إنما جاءت من نظام الملالي في ايران ......

وأخيراً لا بد من القول أن أي ادعاء بأن ايران ونظامها يبقى نظام عنصري حاقد حتى وإن قدم لجماعة "حزب الله" في لبنان الدعم العسكري والمادي فأن لذلك حسابات خاصة في معركته الأمريكان من أجل السيطرة والتمدد وخلق بؤر ملتهبة تشتعل لدى أول شرارة ضد العرب وضد المسلمين، وأن أي إدعاء آخر لا يقوم على أي سند تاريخي أو حتى على سندمنطقي أيضاً، لا يمكن القبول به ذلك أن العنصر الصفوي الذي تميز بالحقد على العنصر العربي والكيد له خلال العصور، لا يمكن أن يظهر عطفه أومساندته لعرب فلسطين في صراعهم الطويل مع الاستعمار والصهيونية، ولنا فيما حدث ويحدث في عراق الحضارات والتاريخ أمثولة واضحة لا تحتاج لأي تفسير،وقد افتخر بها عدد من قادة ملالي ايران عندما أعلنوا مساندتهم لقوى الشر الصهيو-أمريكية في احتلال العراق!! لذلك لا بد من أن تحل الوطنية والقومية في نفوس أبناء الأمة العربية محل المذهبية والطائفية لأن - الدين لله والوطن للجميع - كي تعود للأمة عزتها ومجدها وسيادتها، ولتزهو وتفتخر بنشر العلاقات الإنسانية للبشرية في عالم تتحكم فيه قوى الشر الصهيو- أمريكية حيث بات الإنسان بالنسبة لهم سلعة يتاجرون به باسم الإنسانية وباسم حقوق الإنسان وباسم الحرية والديمقراطية وهم أبعد عن ذلك بمئات السنين الضوئية

أميركا.. ايران.. بين تحالف المصالح ام صراعها

هناك حاجة لضبط الرؤية.. على عقرب الثواني.. بهدف تفكيك، وتركيب، واعادة صياغة المشهد، للوصول إلى رؤية الصراع والتحالف.. بين القوى الفاعلة على الساحة الشرق أوسطية، والقوى المرتبكة لدرجة الشلل، فالمنطقة تشهد حالة مخاض .. عكسها بهذا الشكل أو ذاك تقرير بيكر - هاملتون عن هذه المنطقة.. كتقرير نظري استشاري لا يعني الكثير في ترجمة السياسة الاميركية على الارض.. فالسياسة لا تصنع على الهواء.. وانما في الغرف المغلقة.. ولا داعي لتحميل هذا - التقرير- اكثر مما يحتمل كما فعل كثيرون سواء نحو الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي أو نحو العلاقة الاميركية مع كل من ايران وسورية، او نحو غير ذلك.

سرّ تدمير العراق..

كانت الحرب العراقية - الايرانية التي امتدت ثماني سنوات.. في وقعها صراعاً اقليمياً على النفوذ.. في المنطقة، وانتهت الحرب بتفوق عراقي واضح وقف لااطلاق النار بين الطرفين، واتخذ الصراع شكلاً آخر بالانطواء على الذات، باستثناء خطوة العراق نحو الكويت، التي جاءت في سياق تقوية الدور الاقليمي للعراق بعد الحرب.. لكن (( العدائية النظرية )) .. الايرانية لاميركا.. كانت صارخة جداً.. فلماذا اختار الاميركيون العراق كهدف لتدميره ؟؟؟؟

القول باحتلاله للكويت لا ينطوي على اية دقة.. في الرؤية.. وخاصة بعد الانسحاب.. وهو ايضاً غيركافٍ لهذا الاحتلال التدميري للعراق.. وهكذا هناك حاجة للعودة نحو الحرب بين طهران وبغداد.

عودة خاطفة كافية للقول بأن واشنطن كانت تعمل على خط العاصمتين، وذلك بهدف واضح هو تدمير هاتين القوتين الاقليمية كمصلحة اميركية واضحة، ومن مصدر مقرب، اكثر من وفد اميركي زار بغداد ، ولكن النتيجة لم تكن كما اراد الاميركيون ، واعتمد العراق سياسة اللعب على القوى الدولية، بين ثلاث عواصم أساسية موسكو، باريس، وواشنطن، حتى انتهت الحرب في شهر آب العام ثمانية وثمانين من القرن الماضي.

فهل هذه الاتصالات الاميركية مع طهران وبغداد خلال الحرب بينهما هي السبب وراء وضع العراق على هدف التدمير- واعادته عقوداً طويلة نحو الوراء كما تحدث مسؤولون اميركيون ؟؟؟

العراق ولاسباب جغرافية وتاريخية واقتصادية.. لم يكن يخفي طموحه الاقليمي.. بل كان الطموح صارخاً.. وان كان - هناك طموح ايراني، مثله شعار - تصدير الثورة الايرانية- ويبدو ان حسابات واشنطن ( باسناد العراق على قاعدة عربية ) وبذلك سهولة تعاظم دوره الاقليمي كان وراء هذا الاستهداف، وفي سياق الصراع في الخليج العربي، الصراع التاريخي.. فان استهداف العراق هو مصلحة ايرانية بقدر ما هي اميركية وربما اكثر من ذلك كما تقول الوقائع على الارض!!!

ان حرب احتلال العراق وتدميره لم تكن حرباً اميركية صرفة ولكنها كانت حرباً مشتركة بين طهران وواشنطن..ووقائع ما قبل الحرب بفتح قنوات مع ما تسمى المعارضة العراقية في ايران وما بعدها.. تدل على ذلك بالقطع.

الاحتلال المشترك للعراق

حين صرخ فرانكو في الحرب الاهلية الاسبانية، انتصرت بالطابور الخامس فان الاميركيين احتفظوا بالسر حتى الآن وهو.. لم يحتلوا بغداد بهذه السرعة القياسية سوى ايضاً بفعل الطابور الخامس الايراني.. الذي حطم تمثال صدام واستقبل قوات الاحتلال الاميركي في بغداد.. كتعبير رمزي عن هذا التحالف الايراني - الاميركي.

اميركا في حربها واحتلالها للعراق العام 3002، لم يكن رهانها على بعض العملاء الصغار.. وانما على الدور الايراني.. وعملاء ايران.. فالاتصالات بين هؤلاء وواشنطن تكثفت قبل الحرب.. استعداداً لشن هذه الحرب واحتلال بغداد.

في اللحظة الاولى لاطلاق اول صاروخ اميركي على بغداد كانت قوات ( العراق الايرانية ) قد بدأت دخول العراق من جميع الجهات.. بقيادات ومستشارين ايرانيين وبالتنسيق الكامل مع طهران.. التي وضعت جهاز استخباراتها تحت تصرف الاميركيين عن طريق عملائهم.. وهكذا لم تتقدم القوات الاميركية لبغداد الا بعد ان كان الايرانيون عبر وكلائهم محمد باقر الحكيم وعبد العزيز الحكيم والمالكي والعنزي وعز الدين سليم ومجيد الخوؤي وبمباركة السستاني ومقتدى الصدر.. وغيرهما قد سيطروا على بغداد.. وكان الفضل الاساسي لهم..

بعد انتهاء المعركة.. واستقرار الاحتلال في بغداد.. بدأ تقديم الثمن.. فالاميركيون لم يعطوا السلطة لعملائهم الذين اعدوهم منذ سنوات.. أمثال احمد الجلبي وجماعة الوفاق والحزب الاسلامي والحزب الشيوعي بل قدموها.. لوكلاء ايران ورجالها الذين تحالفوا معهم في الحرب والاحتلال.. وهكذا اصبح ال الحكيم .. الحاكم المطلق الاول في العراق وان كان - في سجن المنطقة الخضراء في وسط بغداد.

ومنذ الاحتلال يلعب دورا في التنسيق بين واشنطن وطهران كما تقول تحركاته المكوكية.. السرية والعلنية.. بين هاتين العاصمتين وفقاً لتقاسم (كعكة العراق) بينهما.. وليس المالكي ومن قبله علاوي.. سوى (ديكور) فقط امام الحكيم الذي يملك الميليشيات على الارض، وهي التي تتعاون مع القوات الاميركية في حرب القتل والخطف والتدمير والاعتقال في العراق.

العراق بين كماشة احتلالين

وفقاً للغة المصالح فان تدمير العراق.. كان هدية "استراتيجية" اميركية للايرانيين.. الذي شكل (عقدة) تاريخية ايرانية امام الاندفاع نحو الغرب العربي.. المجال التوسعي الوحيد للايرانيين للعب دور اقليمي في المنطقة.. خاصة ان (الورقة) المذهبية هي الورقة الوحيدة التي في يدهم ليلعبوها.. مع اللعبة الحالية.. التي دون هذه الورقة لا قيمة لها..

المقاومة العراقية وجدت نفسها ومنذ البدء في مواجهة تحالف بين احتلالين، الاميركي والايراني.. الاول المكشوف.. والواضح وهذا الاسهل ، والثاني.. الذي استند إلى مذهبية شيعية ويقاتل المقاومة تحت لافتة (العراق الجديد) ولا يخفي توجهه في تقسيم العراق الى دول طائفية عرقية كمصلحة استراتيجية لايران.. اكثر منها لاميركا.. فعراقيو ايران لا يخفون توجهاتهم في دولة الجنوب الشيعي.. الموالية وبالمطلق لطهران.. واذا ما قسم العراق.. فانها تكون (الضربة القاسمة) لشيء اسمه العراق.. وهذا ما تريده طهران..

من الطبيعي، في ضوء هذا الواقع الاحتلالي للعراق.. ان تجد المقاومة العراقية نفسها.. في بعض الاحيان مرتبكة.. لانها تشن حرباً ضد احتلالين معاً.. ولكل احتلال اهدافه الراهنة والمستقبلية في العراق.. فالهدف المشترك تدمير العراق.. ولكن ماذا بعد تحقيق هذا الهدف..؟!

هذا هو السؤال الذي بدأ يواجه واشنطن.. في رؤيتها للعراق.. وللشرق الاوسط بشكل عام.. والذي حاولت لجنة بيكر - هاملتون الاشارة اليه؟! فهل بدأ التحالف الاميركي - الايراني في العراق ينهار؟! هل وصلت اللعبة المشتركة بينها في العراق لنهايتها؟! الايرانيون.. لا يريدون - تراجع الاميركيين في العراق- وهذا ما عبر عنه (ازلامها) بمعارضتهم لخروج القوات الاميركية في اللحظة الراهنة؟!

والسبب ببساطة.. ان وجه ايران الحقيقي في العراق الذي يختبئ خلف القوات الاميركية سيظهر.. وستأخذ المقاومة منحى آخر في تركيز اهدافها على "عملاء ايران" التي بالتأكيد ستتدخل بشكل مباشر عبر قواتها في العراق.. وبذلك سيتم فضح دورها الاقليمي وستنكشف اهدافها.

صراع صهيوني فارسي على احتلال الوطن العربي

الصراع في المنطقة بين اميركا.. وايران.. الذي يأخذ في احيان كثيرة شكل التحالف كما هو الحال في العراق.. الموجودون فيها عناصر من جهاز المخابرات الاسرائيلي، وشكل الاختلاف في بعض الاحيان.. هدفه الاول والاخير العرب.. الذين يعتقد بعضهم ان ايران تخوض معركة ضد الاميركيين.. وبعضهم الآخر ان اميركا تخوض معركتهم ضد ايران.. وهذا قمة الغباء في السياسة.. فالقوتان تخوضان معركة مصالحهما المشتركة على جثة العرب.. الغائبين وبالمطلق عن صورة ما يرسم لوطنهم، ما بين تل ابيب وطهران.. ليس صراع نفي الآخر.. وبالمطلق وانما صراع على الاستحواذ على المنطقة.. وتقاسمها ايران تأخذ الشرق والدولة العبرية تأخذ الغرب ويتم التعاون بينهما على ذلك.. لكن الشرق عند الاميركيين.. (النفط) هو الاهم من الغرب المفلس مادياً..

وبفرضية سؤال المصالح.. هل توجد مصالح ايرانية في ازالة الدولة العبرية من الوجود.. أم مصلحتها في بقائها؟؟؟

الاجابة واضحة.. مصلحة ايران في ابقاء وضع العرب ضعيفاً، والدولة العبرية عامل اضعاف اساسي.. وتاريخياً.. بالضبط كما كانت مصلحة الدولة العبرية خلال الحرب بين العراق وايران، في عدم اضعاف الدولة الايرانية لدرجة الصفر.. لهذا بالضبط فان حرب الشعارات التي تخوضها طهران ضد اسرائيل.. هي جزء من لعبة اقليمية ضحيتها العرب..

ان حرب حزب الله مع الكيان الصهيوني - والحرب عادة تقاس بنتائجها.. أظهرت وبوضوح.. ان هدف ايران الاستحواذ على لبنان.. ولا علاقة لذلك.. بالكيان الصهيوني الا كوسيلة تعبوية لتحقيق هذا الهدف.. وكما المشهد الاقليمي واضح فان المشهد اللبناني اختصار له.. فالصراع في لبنان على السلطة هو صراع اميركي - ايراني.. والعرب هم الغائب الاول عن ذلك.

ولا توجد اية ضمانات في حال حسم هذا الصراع - جدلياً- لصالح حزب الله.. ان لا يظهر التحالف من جديد في لبنان بين ايران واميركا.. كما هو الحال في العراق..

ان الرأي القائل بان مصلحة ايران في تصعيد التوترات مع الاميركيين.. في لبنان وفلسطين..الخ.. لا ينطوي على دقة كاملة في ضوء مصلحتهم للتهدئة في العراق عبر قمع المقاومة العراقية.

بأي اتجاه ستكون علاقة الصراع والتحالف بين واشنطن وطهران

لم يكن انضمام المانيا للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن - على خط بحث الملف النووي الايراني- صدفة.. او جاء هكذا.. فالوقائع تدل على ان خط الاتصال بين تل ابيب وطهران يمر عبر المانيا وليس في عمليات تبادل الأسرى التي جرت بين حزب الله وتل ابيب، التي كان الالمانيون الحاضرين الوحيدين فيها , سوى دلالة ومؤشر فقط على هذا الدور الالماني.. فالاتصالات بين طهران وتل ابيب لم تنقطع بعد الثورة الخمينية.. الا فترة قليلة، ومن ثم عادت بينهما لحسابات المصالح المشتركة والتشابك في العلاقة بينهما تاريخياً.. ويلعب اليهود الايرانيون دوراً بارزاً في ذلك.. وكانت المانيا اللاعب الدولي الابرز على الخط في حرب حزب الله تل ابيب.

ان علاقة التحالف والصراع بين واشنطن وطهران مرتبطة بما سيكون على هذا الخط.. من متغيرات.. وهي محكومة بالسرية الكاملة من قبل الطرفين الاسرائيلي والايراني.. فالتصعيد والتهدئة بينهما مرتبطان بالمفاوضات السرية المتواصلة بينهما.. ولا علاقة للعرب والفلسطينيين بها، الا كضحايا..

مؤشرات التهدئة في فلسطين، ومحاولات التهدئة التي بذلتها واشنطن خلال الاسبوعين الماضيين، تدل على وجود شيء جديد تحت الطاولة وحتى عملية الشد على الساحة اللبنانية بينهما.. وتوقيتها.. فهل هناك صفقة بين واشنطن وطهران عن طريق المانيا؟؟؟ أم هناك حالة من الاستعداد والتحضير لجولة جديدة من تصعيد الصراع

في الاجابة لا يوجد اي دور للعرب الذين يلعبون دور الوكيل سواء لواشنطن او لطهران، فقط دورهم اكثر من سلبي رغم ان هذا الصراع الاقليمي يستهدفهم اولاً واخيراً..

ان سياسية التهدئة الاميركية، او محاولة التهدئة على خط الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين.. وعلى الخط العراقي.. مقابل التصعيد الايراني في لبنان.. تنطوي على دلالة أن مرحلة من الشد بدأت بين الطرفين.. فهل ستنتهي الى الصدام ام الى انفراج وتحالف جديد ؟؟؟

الاجابة تحتاج للانتظار.. للفترة القليلة المقبلة.. فقط العرب هم الغائبون رغم انهم الضحية لهذا الصراع والتحالف بين اميركا.. وايران



ابو خليل التميمي / بغداد المسورة بكتل الاسمنت