الأحد، 2 أغسطس 2009

ظاهرة الزاير وشلش واخرون .. والاعلام الساخر !!!!!

لايخفى على الجميع إن الإعلام هو علم قائم بحد ذاته ويتألف الإعلام من عدد من الفنون والعلوم المرتبطة ترابط فني وموضوعي والهدف الرئيسي منها هو إيصال المعلومة إلى الآخرين بعدد واسع جدا من الأساليب وقد تطور الأعلام من نقل الإشارات والأفكار بالطرق البدائية إلى أن وصلنا على استخدام الشبكة العنكبوتية أو الانترنيت .
إن نقل المعلومة تتم بطرق وفنون متعددة منها الفنون المرئية والصوتية والكتابية وموضوع مقالنا هو عن النقل المعلومة بالطرق الكتابية أو فن المقالة والمقالة تنقسم وتتشعب إلى عدد من التصنيفات حالها حال فنون الأعلام الأخرى فمن المقالة الجادة إلى المقالة الرصينة إلى المقالة العلمية والمقالة الفنية لتصل إلى المقالة الساخرة أو الفكاهية وهذه بدورها تنقسم إلى أجزاء ومسميات عديدة فالمقالة الساخرة تعتبر من أصعب المقالات وأكثرها خطورة فهي فن قائم بحد ذاته ويقسم الخبراء في هذا الفن المقالة الساخرة إلى نوعيين رئيسيين وهما المقالة البناءة والمقالة الهدامة فالمقالة الساخرة الهدامة المقصود منها تسقيط الأخريين بتكبير أو تضخيم عيوبهم وحتى إضافة عيوب لايمتلكها الأخريين أو هدف المقالة وهي تأتي لتصفية حسابات بين الجهة التي وراء المقالة ضد الهدف المراد تسقيطه بالمقالة وهذه النوعية من المقالات مستهجنه وغير مرغوب بها
أما النوع الأخر من المقالات فهي المقالات المبنية على أساس النقد البناء وهي أظهار العيوب والإشكالات بالشخصية المستهدفة بالمقالة أو الظاهرة المستهدفة من المقالة والمطلوب من هكذا مقالات هو التنبيه وليس التشهير بقصد الإساءة قد يفهم الأخريين الذين لايملكون روحية النقد أو تقبل ألراءي الأخر على أن العملية هي عملية تسقيطية وقد تأخذهم العزة بالإثم فتراهم يصرون على أنهم الصحيح والأخريين هم الخطأ وهؤلاء لايئمنون بالنظرية القائلة بان الإنسان عليه أن يرى نفسه بعيون الآخرين وتجد هذا النوع من الأشخاص اغلبهم من هو مصاب بالنرجسية سواء كانت الفكرية أو حتى النرجسية الثورية فتراه يستصعب الرائي المقابل أو لأنه يتكلم باسم الثورية فعلى الأخريين التغاضي عن أخطأه أو تصرفاته الغير مقبولة للمجتمع وانه فوق النقد على الرغم أن اغلب الحركات الثورية أو الأحزاب التقدمية تجعل النقد والنقد الذاتي هو من أولويات الممارسة الحزبية أو الثورية
ومن أقوال الأستاذ المؤسس : من المهم جدا أن نعود دوما إلى أنفسنا بالنقد الذاتي حذرا وحيطة لكي نهدم بعد كل خطوة نخطوها ما يعلق بنا من اصطناع وتزييف وتقليد اذ ليس أسهل من أن يستسلم الإنسان للتقليد والتزييف لأن فيهما الراحة والكسل. فالحركة الصادقة الحية هي التي تبقى في صراع مستمر مع نفسها كما هي في صراع مستمر مع أعدائها ومع الاوضاع والقيم الفاسدة التي عليها ان تحطمها.
وأعود إلى أهمية المقالة الساخرة أو النقدية ولكي أكون منصفا اقو لان السخرية الشخصية غير مطلوبة بقدر إن يوجه النقد إلى الفعل أو القول أو التصرف الخارج عن المألوف والتاريخ يطالعنا بعدد كبير جدا ومهم من الكتاب الذين برعوا بهذا الفن وهم من أعلام الأدب العربي والعالمي وعلى سبيل المثال لا الحصر اذكر منهم مارك توين الكاتب المعروف والذي كان من عمالقة الفن الساخر وهو مؤلف لعدد من القصص والشخصيات التي دخلت الأدب العالمي مغامرات توم سوير (1876م)؛ مغامرات هوكلبيري فين (1884م) فتلك الشخصيتين كانتا تمثلان واقعا تمرد عليه مارك توين وسخر منه وله الكثير الكثير من المقالات الساخرة ومن أقواله المشهورة : خطيئتنا عظيمة تجللنا بالعار ...نحن مخلوقات تعسة تعرف ضعفها الإنساني ، ولو خضنا تلكم السبل الوعرة ثانية فلسوف يكون الفشل نصيبنا
أما اينشتاين وهو معروف كعالم جاد فله مقولة مشهورة ساخرة يقول بها :
Insanity: doing the same thing over and over again and expecting different results
جورج برنارد شو من الكتاب الساخرين الكبار في العالم ايرلندي الأصل وله الكثير من الكلمات التي أصبحت جزاء من التراث الإنساني الخالد ومنها
سألته احد النساء عن سبب طول لحيته على الرغم من انه أصلع فقال هذا ناتج عن غزارة الإنتاج وسؤ التوزيع
وقال أيضا
"اللوحة التي سأنقذها بحال نشوب حريق في المعرض الوطني هي اللوحة الأقرب للباب بالطبع".
"الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يثير رعبي.. بينما لا يشكل الأسد الشبعان أي أذى؛ فليس لديه أي مذاهب أو طوائف أو أحزاب..".
أن الرجل العاقل يتكيف مع العالم ، اماالرجل الغير عاقل يحاول تكييف العالم معه.فتقدم المجتمعات إذا" يعتمد على الرجل الغير عاقل"
لو كان لديك تفاحة ولدي تفاحة مثلها وتبادلناهما فيما بيننا سيبقى لدى كل منا تفاحة واحدة. لكن لو كان لديك فكرة ولدي فكرة وتبادلنا هذه الأفكار، فعندها كل منا سيكون لديه فكرتين".
وغيرهم الكثير وعلى صعيد العالم العربي فقد لمعت أسماء كبيرة في هذا المجال ومنهم محمود السعدني الذي عمل في مجلة " الكشكول " التي أصدرها مأمون الشناوي و تتلمذ على يديه إلى أن أغلقت أبوابها. ثم عمل في عدد من الجرائد بالقطعة مثل جريدة " المصري " لسان حال حزب الوفد و عمل أيضاً في دار الهلال. كما أصدر و رسام الكاريكاتير طوغان مجلة هزلية سرعان ما أغلقت أبوابها بعد صراع مع الرقابة و شركات التوزيع .
كما يقول محمود السعدني فإن القذافي حاول التوسط له عند السادات إلا أن السادات رفض وساطته و قال " أن السعدني قد أطلق النكات علىّ و على أهل بيتي ( زوجته جيهان السادات ) و يجب أن يتم تأديبه و لكني لن أفرط في عقابه " .
و بعد قرابة العامين في السجن أفرج عن السعدني و لكن صدر قرار جمهوري بفصلة من صباح الخير و منعه من الكتابة بل و منع ظهور اسمه في أي جريدة مصرية حتى في صفحة الوفيات
السعدني حكاء عظيم و يمتاز بخفة ظلة كما أن تجربته في الحياة ثرية للغاية و له العديد من الكتب التي تناولت مواضيع متنوعه منها :
مسافر على الرصيف : صور متنوعه عن بعض الشخصيات الأدبية و الفنية التي عرفها ملاعيب الولد الشقي : مذكرات ساخرة السعلوكي في بلاد الإفريكي : رحلات إلى إفريقيا . الموكوس في بلد الفلوس : رحلة إلى لندن وداعاً للطواجن : مجموعة مقالات ساخرة رحلات أبن عطوطه : رحلات متنوعه أمريكا يا ويكا : رحلة إلى أمريكا تمام يا فندم: مجموعة من المقالات المجمعة في كتاب
وكذلك اشتهر الكاتب السوداني جعفر عباس وهو ايضا من الكتاب الساخريين و جعفر عباس يكتب مقالات ساخرة في اعمدة تحمل "زاوية منفرجة" و"زاوية حادة" و"زاوية غائمة" و"زاوية معكوسة" نشر مقالاته في صحف قطر: الشرق والراية والوطن وفي مجلات تصدر في لندن: المشاهد السياسية والمجلة ثم صحيفة القدس العربي ولديه حاليا عمود في الصفحة الثانية في جريدة حكايات السودانية التابعة لصحيفة الرأي العام، وأصدر عام 1994 كتاب "زوايا منفرجة" كما أصدر كتاباً آخر عام 2008 يحمل اسم "زوايا منفرجة واخرى حادة" .
كما اشتهر ناجي العلي ككاتب ساخر ولو شهرته كرسام طغت بشكل كبير على كتاباته وابتداعه لشخصية حنظلة المشهورة حنظلة الواقف على كل المشاهد التي رسمها ناجي العلي
أما على صعيد العراق فلا يخفى على احد الكاتب الرائع نوري ثابت مخترع شخصية حبزبوز تلك الشخصية الأسطورية في الصحافة العراقية الذي بدأ حياته الصحفية بكتاباته الهزلية الساخرة بجريدة الكرخ بأسم مستعار (خجه خان),ثم كتبه مقالات سياسية واجتماعية شديدة السخرية في جريدة البلاد وبأسم مستعار (أ. حبزبوز) وعندما تم كشف شخصيته فصل من وظيفته في التعليم عام 1930 ثم قدم طلبا إلى مديرية المطبوعات في وزارة الداخلية للإصدار جريدة فكاهية يكون هو صاحبها ومديرها المسئول أجيب طلبه واصدر العدد الأول من هذه الجريدة في صباح يوم الثلاثاء الموافق (29/ايلول/1931 ), وأصل تسمية الجريدة بهذا الأسم(ا.حبزبوز)يعود إلى اسم مستعار من رجل فكاهي يدعى (احمد حبزبوز)وهو صاحب نكته وهزل,كان يمتهن السرقة(حرامي)وأراد والده الملأ عليوي أن يستقيم ويترك السرقة ولكي يمهد لهذه الاستقامة أجبره والده على الصلاة, فقصد الحضرة الكيلانية لأداء صلاة العيد وعندما استقبل القبلة صاح بعلو صوته ( نويت أصلي صلاة العيد كفيان شر مله عليوي ) فذهب قوله هذا مثلا بين الناس
وكذلك صادق الازدي ( قرندل ) والملا عبود الكرخي صاحب المجرشة الشهيرة وشمران الياسري ( ابو كاطع ) صاحب الرباعية المشهورة هؤلاء الذين قدموا ادب ساخر وانتقاد لاذع للسلطات والعادات الاجتماعية المنحرفه وحفظ لهم الشعب العراقي جهودهم تلك وظل يستذكرهم بكل خير ويستلهم من ماكتبوا من اجل التصحيح .. وكذلك الكاتب داوود الفرحان صاحب كتاب بلد صاعد بلد نازل وهو كتاب فكاهي تجد فيه مقارنة بين الظواهر التي تصورها الكاتب ايجابية في اليابان والظواهر السلبية في مجتمعنا في وقت الحصار وهذا الكتاب طبع ووزع في العراق وكذلك نشر في مجلة الف باء كعمود اسبوعي وكان هذا في زمن يتهمه الكثيرون بعدم وجود حرية النشر .
اما في زمن ديموقراطية بوش واوباما والهالكي لم يجد الكتاب الهزليون مجال لنشر كتاباتهم إلا عبر شبكات الانترنيت وبأسماء مستعارة فعملية النقد التي قد تسبب بسجن صاحبها مدة تاديبة كما حصل لمحمود السعدني أو كما حصل لحبزبوز أو حتى داود الفرحان فإنها تسبب في عصر الديمقراطية إلى مشاكل كبيرة اقلها الاختطاف أو القتل وحتى قتل العائلة بالكامل إذا تجرءا شخص على انتقاد أي من المسؤوليتين فان تهمه الإرهاب والصدامية والتكفيرية جاهزة ز وقد دفع الكثير من الصحفيين حياتهم ثمن لذلك وحسب مرصد الحريات الصحفية فان أكثر من مائتين صحافي عراقي دفع حياته ثمنا لاارائه ضد الأحزاب والمليشيات المتنفذة .
وقد برز من هؤلاء الكاتب المعروف والساخر شلش العراقي ظهر شلش في موقع كتابات بعد اختفاء الكاتب شمس الدين البصري ، الذي اغتيل كما قيل بسبب كتاباته الصريحة أكثر من اللازم . يعتقد البعض أن هنالك علاقة ما بين اختفاء شمس الدين وظهور شلش في ذات الوقت . فالسخرية من الواقع السياسي العراقي الحالي ، جمعت بين الاثنين . إضافة إلى رشاقة العبارة واحتوائها على العديد من الكلمات العراقية المحلية ذات النكهة الجنوبية .
محبي شلش يفضلون إن تبقى هويته مخفية ، حفاظا على سلامته واستمرار مقالته اليومية التي تتناول أحوال العراق من منظور ضاحك ، وبصراحة عز نظيرها . ويشبه شلش في هذه النظرية ما قام به الفنان الايطالي روبرتو بنيني ، الذي اخرج فيلما كوميديا عن معسكرات الاعتقال النازية ، حيث يحافظ الإنسان على براءته الطفولية حتى في أحلك الظروف.
تدور حكايات شلش على ما يحصل في مدينة الثورة في بغداد ، وبالذات في قطاع 43 ، من سجال حكومة.هي أفرزتها الحرب ومن بعدها الاحتلال . فهناك خنجر الذي دفن سلاحه في حفرة داخل بيته لأن المرحلة مرحلة سلم ومفاوضات لدخول الحكومة . وعندما يقول له شلش ان المشاركة في الحكومة حرام ، لا يريد خنجر ان يسمع ، كما انه يجد حلا لمن مات أو أصيب بإعاقة وللأرامل واليتامى من ضحايا الزمن الجديد فيقول: الشهداء لهم الجنة والمعوقون جزأهم الله خير جزاء وسنوزع عليهم عربانات يابانية تك باب والأرامل واليتامى سنبني لهم مجمعات سكنية في طويريج .
يمضي خنجر بآماله في أن يصبح وزير البيئة والتقفيص المائي ويقول: البارحة قعدنا ووزعنا الوزارات بالتساوي وراح نشتري قوط وربطات وقنادر جديدة ويجوز نتزوج الاسبوع الجاي . مع شلش تعرف القراء على ام دعبول التي اكتشفت ان صغيرها يتبول نفطا ، فتدخلت شركات عالمية لمراقبة الإنتاج وتركيب عدادات على البراميل ودراسة الاحتياطي المخزون في مثانة الولد . كما تعرفوا على جار شاهد شلش يفتح موقع غوغل الأرض فخرج إلى الناس ليزعم ان هذا الاخير يتفرج على نسوانكم وهن نائمات بدون اغطية فوق السطوح .
كما تابعنا كيف تطورت علاقة الحاجة نوشة بالتكنلوجيا وصارت خبيرة في أنواع الهواتف النقالة، حتى صار اسمها نوشيا وانشأت لها موقعا على الانترنت سمته نوشة دوت كوم وراحت تتبادل الرسائل مع راجيش الهندي وميتاساوا البرتغالي الذي تسميه شناوة المسودن . شلش العراقي سخر من نفسه ومن اهله أيضا ، وتخوف مما سيجري في حفلة عرسه ، اذ كيف سيقنع اخاه واصدقاءه في جيش المهدي بأن قريبات العروس المرتديات ملابس مكشوفة نوعا ما هن نساء شريفات وربات بيوت ، وكيف سيحول بين خالته نصرة وبين ام العروس حيث ستعانقها بقبلة من قبلاتها التي لا تقل مدة الواحدة منها عن سبع واربعين دقيقة وبضع ثوان ، ولا كيف سيمنع عمته فطّيم من الوقوف وسط الحشد ، في نادي المنصور ، والصراخ بصوتها الاجش: هاهاها.. جبنالك برنو ما ملعوب بسركيها أي جئنا لك بعروس مثل البندقية الجديدة لم يمسها أحد .
استمر شلش العراقي على اسلوبه النمطي الساخر القصصي في بداية شهر كانون الثاني و لم يلحظ عليه ذلك التغيير المفاجىء الا بعد شهر من الزمان حيث أتجهت قصصه بصورة مفاجئة إلى العاطفية الوطنية الجدية بدءا من سلسله مقالات تحدث بها عن سفره إلى الأردن , و بعد ذلك أشيع ان صديقا مقربا له قد قتل مما أثر عليه بشدة. و منذ ذلك الحين أستمر شلش بصورة متقطعة بالكتابة و بدا انه فقد ملهمته حيث ان مقالاته كانت عبارة عن مجرد ترتيب عواطف وطنية معتادة شأنها شأن اي مقالة أخرى . قبل أن ينقطع تماما عن الكتابه مع نهاية الصيف . إلا انه عاد فجأة بعد تكوين مدونة خاصة به حيث بدأ ينشر مقالاته بمحاولة للعودة إلى السخرية القديمة التي صنعته الا ان مقالاته لم يكن يخفى عليها الضعف و الوهن في الدعابة, حتى ان الكثيرون يعتقدون ان شلش قد مات أو قد انتحلت شخصيته . توقف شلش العراقي عن الكتابه تماما بعد الانفجار الكبير الذي وقع في مدينة الصدر في 23 نوفمبر 2006 . و هو لا يزال متوقفا إلى هذه اللحظة.
وبعد فترة ظهرت علينا شخصية اخرى ساخرة هي شخصية الزاير يقدم نفسه بصورة رجل سبعيني جنوبي عراقي يلبس ملابس عراقية عبارة عن دشداشة يسمسها دشداشة الطلايب ( المشاكل ) حسب الدارج في لهجة أهلنا بالجنوب وهو يضع غترة بطريقة فنية لايتقنها إلا أهلنا في جنوب العراق ووتجده جالس او واقف او مستعد بوضع التحية حسب ما يتطلبه الموقف اما في حالة اشتداد المعركة الكلامية التي يخوضها تجد الزاير قد خلع الدشداشة واستعد لمعركة حامية ولا تفارق شفتيه جكارة مزبن او لف حسب ما يطلق عليها في الجنوب .
ان الفرق بين شخصية الزاير وشخصية شلش في في ادوات الموضوع فشلش بحكم عيشه بالعراق ومتابعته للأوضاع كانت اغلب شخصياته من واقع الحياة العراقية في الداخل وتحديدا من مدينة الثورة اما الزاير فبحكم متابعته لبرنامج البال توك تلاحظ ان اكثر شخصيات كتاباته هي من واقع الغرف العراقية بهذا البرنامج وقد نجح بشكل كبير بتغير كثير منهم الى واقع افضل .
شخصية الزاير شخصية تجدها في كثير من العراقيين هي جزء من الشخصية العراقية المثقفة الراقية لكنها تمتلك بنفس الوقت روح الفكاهه وروح التعليقات الساخرة التي تستطيع ان تجعل من الاخريين اضحوكة . هذه الشخصية التي تقدم نفسها ببساطة الملبس وباستخدام لغة أهل الجنوب بالعراق المحببة جدا والتي تحتوي على الكثير من المفردات التي ترتبط بشكل كبير بالفكاهة أو( التندر ) والتي تستخدم دائما كسلاح بوجه المتصنعين للثقافة والأدب والمتضاهريين بالفوقية والوطنية الزائفة والتي استطاع الزاير بهذا الأسلوب من استفزازهم وجرهم إلى منطقة الغضب التي تكشف مافي دواخل الإنسان وتعريه أمام الأخريين وهذا الأسلوب يحتاج إلى التركيز العالي وإدارة الصراع بإستراتيجية الانتزاع للمعلومة عن طريق الاستفزاز المدروس والموضوعي الذي يفقد الأخريين الاتزان ويجرهم إلى المهاترة وكشف الدواخل النفسية والتراكمات الحالمة في دواخل ألاشعور .
لقد أجاد الزاير استخدام علم النفس التحليلي وكذلك فهم كبير جدا للعلوم الاجتماعية والذي ياستطاع بواسطته من التغلغل إلى دواخل الخصوم المفترضين بطريقة تدل على حرفية عالية وموضوعية .
إن الهدف الحقيقي لشخصية الزاير هي الإصلاح وهو هدف نبيل ففي منبر أعلامي يعتبر عالمي بسبب دخول عدد كبير من الأشخاص في دول العالم كنا نحتاج إلى وضع معاير أخلاقية نوصلها إلى العالم عن الشخصية العراقية وكان يوسفنا ان نشاهد الكثير من الشخصيات التي تسمي نفسها بالوطنية تقدم صورة سيئة عن الشخصية العراقية الوطنية لذلك كانت هناك حاجة ملحة لإيجاد نوع من التهذيب والنقد والتصحيح لهذه العملية الإعلامية وعملية النقد والتصحيح كان لزاما ان تبدءا من الداخل وصولا إلى كل الغرف العراقية الأخرى لذلك كانت بداية الزاير بداية صحيحة فالنخبة العراقية هي الغرف الوطنية ثم بعد ذلك يتم الانتقال بمراحل الى الوصول الى مرحلة تقديم العراقيين عبر هذا المنبر بشكل لائق مقبول ويدلل على ان ابناء هذا البلد يملكون حقا الكثير من القيم الإنسانية التي يستحقون معها الحياة أحرار وذلك جزء مهم من الحرب الإعلامية التي حاولت أن تقدم العراقيين على أنهم سراق وقتلة ومجرمين وإنهم فاقدي الأهلية التي يحتاجون معها إلى وصاية أمريكية لإدارة شؤونهم وشؤون بلدهم .
أن اغلب الأشخاص الذين هربوا من العراق لأسباب سياسية أو أخلاقية أو اقتصادية وذهبوا إلى دول الغرب تركوا الكثير من القيم والأخلاق العراقية في العراق وحملوا معهم فقط الحقد على الشعب العراقي الذي يحملوه مسؤولية ما حصل لهم لذلك نراهم كرد فعل نفسي يحاولون إن يتشبهوا بأسلوب حياتهم وقيمهم مع القيم الجديدة التي اكتسبوها بالتعامل مع الدول التي عاشوا بها وهذا شيء خطير فالشخص الذي يقدم نفسه على انه عراقي ثم يتحدث بالأسلوب الأمريكي أو الاسترالي في التعامل يسيء بشكل كبير للعراق وأهل العراق فلكل دولة قيمها ومفاهيمها التي هي نابعة من التكوين الأساسي والطبيعي لمجتمعاتها . وهنا كنا بأمس الحاجة الزاير او الشخصية المؤدبة التي تفرض على الأخريين أتباع الستايل العراقي الأصيل أو أنها ستصبح شاذة ( نصبة ) وممكن أن يؤدي بها عدم الالتزام إلى إن تصبح أضحوكة للأخريين .
وقد عرف الزاير عن نفسه وإستراتيجية الكتابة لديه بهذه المقولة
هناك هدفين من وراء هذا النقد الساخر الذي انتهجته منذ فترة ،،، الهدف الأول هو تعديل المسار بالإشارة إلى الموضوع أو الشخص أو الحالة التي قد تعكس صورة سلبية أو يساء فهمها من قبل البعض ،،، والهدف الثاني هو ردع المسيء وإيقافه عند حده ،،، وأنا لا أقصد التدخل بالأمور الشخصية ،،، فمثلا عندما يقدم سين من الناس بقول ،،، لم تفلت مني واحدة دخلت الغرف العراقية إلا ودخلت معها في علاقة ،،، إلا تعتقد أن هذا الشخص سين قد مس المرأة العراقية ؟؟؟ ،،، وهل تعتقد أخي الكريم مثل هذا الشخص لا يستحق الردع ؟؟؟ ،،، حسب اعتقادي أن أمثال هؤلاء لا يستحقون احترام ،،، ولا يفترض بنا أن ننبههم على ما أقترفوه من أخطاء ،،، الشهيد صدام حسين عندما وجه له سؤال عن الكويت قال ،،، لقد مسوا الماجدة العراقية ،،، على أية حال ،،، لا أخفي عنك أن البعض حاولنا تنبيههم على بعض اساءاتهم لكن دون جدوى ،،، فقد كان رد فعلهم أكبر من المتوقع ،،، بل أتخذوا طريق التحدي والتهديد ،،، ،، أما تطرقي لكتاب المقالات ،،، فلم تكن البداية من عندي ،،، وأنما كان النقد موجه لهم من قبل الموجودين في الغرف العراقية أولاً ،،، لماذا لا يكون لنا كتاب يناصرون قضيتنا بأقلام صحيحة وطروحات بناءة ،،، وأقصد زيد وعمر وغيرهم من أصحاب المقالات المتواجدين في البالتوك ،،، فكان الاجدر بهم أن يكتبوا للعراق لا لشخصهم ،،، فكتاباتهم لها مدلول واحد فقط هو حب الظهور وتسجيل النقاط لصالحهم ليس إلا ،،، ومن كان يقصد منهم نصرة العراق فعليه أن يكون قدر المسؤولية ويكتب ما به فائدة أكثر من ربط الكلمات بجمل لا معنى لها ،،، فجاء نقد الزاير لكتاباتهم أشارة لهم ليتجاوزا أخطائهم ،،، وهنا أحب أن أسجل أن الزاير لا يشكك بوطنية أي منهم ،،، وأقصد كتاب المقالات ،،، ولا يعتبر نفسه أفضل منهم أو معلما لهم ،،، على العكس ،،، فالزاير كغيره من الاشخاص الذين يخطؤن ويتعلمون ،،، وقد يكونوا أفضل منه ،،، ويتعلم منهم ،، وفي الختام أود أن أوضح أن هذا النقد هو نقداً ذاتيا ،،، ولماذا نقد ذاتياً ،،، لأن الزاير ينتمي لهذه الشريحة من الناس ،،، تجمعهم قضية واحدة وأهداف ومبادئ لا يختلفان عليها ،،، وكما تعرف أخي الكريم أن حزب البعث كان يدفع باتجاه النقد الذاتي ،،، فعلى كل بعثي أن يتقبل النقد كجزء من فكره السياسي والحزبي ،،، ومن لايؤمن بهذا الفكر عليه أن يغير من نفسه قبل أن يشن هجوما على من ينتقده.
ألزم سره وليدي ،،، عمك الزاير يوصلك يوصلك
هذا المقطع الذي يختم به الزاير اغلب مقالاته هو أكثر تأثيرا من المقالة نفسها فالإحساس بوجود رقيب يساعد الإنسان كثيرا على يفكر الف مرة قبل ان يقدم على أي خطوة ويساعده على اتخاذ القرار الصحيح
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [قـ : 18]
قال الإمام علي عليه السلام إذ قال :
مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالاِْجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ

أبو خليل التميمي بغداد المسورة بكتل الاسمنت

ليست هناك تعليقات: